لماذا تراجعت التجارة بين الكويت والعراق بعد ازدهارها في 2019؟

لماذا تراجعت التجارة بين الكويت والعراق بعد ازدهارها في 2019؟

التبادل التجاري بين البلدين انخفض بنحو 50 في المئة والعراق أكبر مشتر للصادرات الكويتية غير النفطية

الكويت 12 سبتمبر 2021 (csrgulf): انخفض حجم التجارة بين الكويت والعراق الى أكثر من النصف مقارنة بازدهار غير مسبوق في 2019 قفزت خلاله قيمة التبادل التجاري في خمس سنوات فقط الى مليار دولار سنويا، أكثر من 98 في المئة منها يصب في صالح الشركات الكويتية، لكن سرعان ما تلاشى هذا الازدهار منذ 2020، وخسرت بذلك الشركات الكويتية منذ ذلك الحين نحو نصف مليار دولار جراء انخفاض المعاملات التجارية مع العراق.
وهوت الصادرات الكويتية الى العراق بنحو أكثر من 50 في المئة منذ بداية جائحة فيروس كورونا بعد أن حققت طفرة غير مسبوقة في 2019. وكان العراق قفز منذ 2014 الى قائمة كبار المستوردين للسلع الكويتية غير النفطية حتى تجاوز الهند والسعودية في 2019 وتصدّر لأول مرة قائمة أكبر المشترين للبضائع الكويتية. وقد تضاعف حجم نمو واردات العراق من الكويت بنحو 4 مرات منذ 2014 الى 2019، من 230 مليون دولار الى نحو أكثر من 960 مليون دولار في 2019. وحلّ بذلك العراق كأهم سوق سجلت طلباً متنامياً على السلع الكويتية مقارنة بدول المنطقة والعالم العربي والعالم. وقد استفاد الانفتاح التجاري العراقي على السوق الكويتية من تراكم العلاقات الإيجابية التي أسستها سياسات القيادة الكويتية السابقة واستمرت فيها القيادة الحالية.
وبعد أن دعم ارث ديبلوماسية وسياسات الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مسار طفرة العلاقات الإيجابية بين الكويت والعراق التي شجعت تحسّناً تدريجياً لمناخ الثقة الذي عزز نمو التبادل التجاري بين البلدين، استفادت شركات كويتية من عمليات إعادة الاعمار في المدن العراقية فيس السنوات الأخيرة وضاعفت صادراتها الى السوق العراقية وحققت أرباحاً ضخمة. وحلّت العراق منذ 2014 كأكثر بلد في العالم تحقق الكويت معه سنوياً أكبر فائض تجاري متنامياً بفضل زيادة الطلب العراقي على السلع غير النفطية من السوق الكويتية.
وبنمو التبادل التجاري وتحسن افق الاستثمار وزيادة حركة التنقل بين البلدين الجارين نجحت الكويت والعراق في طي نسبة كبيرة من الجمود الذي خلفه ارث الغزو. واستفادت العراق بشكل كبير من مبادرات الكويت الإنسانية او الديبلوماسية لدعم عملية اعمارها وتحقيق السلام والاستقرار، حيث راهنت السياسة الكويتية على استقرار العراق من اجل مصلحة البلدين. وباتت الكويت بوابة هامة بالنسبة للعراق من أجل إعادة تموقع جديد في الحاضنة الخليجية والعربية.
إلى جانب حرص الكويت على مكافحة التهديد الذي تمثله التنظيمات المتطرفة كتنظيم الدولة الإسلامية بالعراق، أظهرت الدولة الكويتية اهتمامها بالاستثمار في استقرار جارتها الشمالية. فاقتصاد الكويت المرن وقربها الجغرافي من العراق يجعلان البلاد مرشحًا مثاليًا لتنسيق الدعم لبغداد. في عام 2018، نظمت الكويت واستضافت مؤتمرًا دوليًا لجمع الأموال لإعادة بناء اقتصاد العراق والبنية التحتية في أعقاب الصراع المدمر في بغداد ضد تنظيم (داعش). ونتيجة لذلك، تمكنت القيادة الكويتية من تأمين ما يقرب من 30 مليار دولار في شكل تسهيلات ائتمانية واستثمارات لدعم العراق.
كما سهّل استمرار مناخ استقرار العلاقات بين البدلين بعد رحيل الأمير في الحفاظ على أهمية نمو التجارة بين البدلين لكن مع تعثر عمّقته القيود الصحية وإجراءات اغلاق الحدود التي فرضتها جائحة كورونا منذ فبراير 2020 الأمر الذي تسبب في اضطراب التجارة بين الجارين. وهوت منذ ذلك الحين قيمة الواردات العراقية من الكويت الى أكثر من النصف الى غاية الربع الأول من 2021، لكن رغم ذلك لم يختل الميزان التجاري الكويتي حيث ظلت الكويت تحقق فائضاً تجارياً هاماً مع العراق رغم تقلص حجم الصادرات، وبقي الفارق شاسع جدا بين قيمة ورادات الكويت مقارنة مع صادراتها الى العراق.
وتعتبر العراق الدولة الوحيدة من شركاء الكويت التجاريين التي يحقق فيها الميزان التجاري الكويتي أكبر فائض له بنسبة تجوزت 95 في المئة، حيث صدرت الكويت في 2019 سلعاً غير نفطية بنحو 960 مليون دولار في حين استوردت فقط بقيمة 986 ألف دولار، لتبلغ قيمة الفاض التجاري نحو أكثر من 959 مليون دولار وهو ما لم تحققه الكويت مع أي شريك تجاري آخر، حيث حصدت تقريبا نحو مليار دولار لصالح شركاتها التي انفتحت أكثر على الاستثمار والتجارة في العراق. واستمرت الكويت تحقق فائضا تجاريا ضخما مع العراق الى غاية اندلاع الجائحة كورونا في بداية 2020. ومنذ ذلك الحين تراجعت قيمة ورادت العراق من الكويت بنحو أكثر من النصف في حين تراجعت ورادت الكويت من العراق العام الماضي الى نحو 111 ألف دينار كويتي (368 ألف دولار) سرعان ما عاد الى الارتفاع في الربع الأول من العام الجاري الى نحو 484 ألف دينار (1.6 مليون دولار)، وتضاعفت بذلك لأول مرة منذ سنوات قيمة واردات الكويت من العراق بوتيرة سريعة، في المقابل انخفضت قيمة الصادرات الكويتية الى السوق العراقية الى نحو 112.567 مليون دينار (374 مليون دولار) في 2020 مقارنة بنحو 960 مليون دولار في 2019 وهو العام الذي شهد أوج ارتفاع الصادرات الكويتية الى العراق وحقق شركات كويتية طفرة في نشاطها التجاري. ومن المرجح أن يستمر انخفاض الصادرات الكويتية الى العراق بنهاية هذا العام أقل من حصيلة العام الماضي.
وبدفع من عملية إعادة الاعمار الى غاية 2019، زاد الطلب العراقي على استيراد وسائل النقل والتجهيزات والمعدات والاليات فالمواد الخام والحيوانات. ودفع تسارع الطلب على الشاحنات والمركبات الى نمو حجم الواردات العراقية من الكويت لتأتي الاسلاك الكهربائية في المرتبة الثالثة كأكثر السلع استيرادا من السوق الكويتية.
وفي غضون سنوات قليلة صعد العراق في قائمة أهم شركاء الكويت التجاريين وأكثر المشترين للسلع الكويتية، وقد تصبح الوجهة العراقية أكثر الوجهات الواعدة لاستثمارات القطاع الخاص الكويتي على المدى المتوسط إذا تعزز الاستقرار الأمني وتواصلت جهود مكافحة الفساد وتعزيز مأسسة الدولة وإقامة منطقة تجارية حرة مشتركة. وكان رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي أكد في أغسطس الماضي خلال زيارته للكويت أن بلاده ترغب في إنشاء منطقة صناعية وتجارية مشتركة مع الكويت، وتطوير الشراكة الاقتصادية بين البلدين.
وفي حين يسعى العراق لتسهيل إجراءات التجارة البينية، ورفع حجم التبادل التجاري بين البلدين، والذي لا يزال خارج الطموح كما وصف ذلك الكاظمي تبقى معضلة قانونية وأمنية من تعيق تطور الاستثمار والتجارة.
من الجانب العراقي بقيت قوانين متضاربة وعراقيل بيروقراطية تعطّل عجلة الاستثمار في العراق. كما يؤرق عدم الاستقرار الأمني المستثمرين ويؤثر سلبا على مناخ الثقة. أما الجانب الكويتي، تبرز ضرورة لتعزيز الأطر الخاصة بسياسات الاستثمار وتشجيع الاستثمار الأجنبي. ورغم توقيع اتفاق أولي للتعاون الشامل في المجال الاقتصادي، تبقى وتيرة حلحلة جميع المشاكل العالقة بين الكويت والعراق بطيئة.

 

مصدر: csrgulf.com
إعادة التحرير: VietnamArab.net

 

مصدر

مإعادة التحرير :

Tags